مدونة د. زوبع

هذه مدونتي المتواضعة ... أشارككم فيها خبراتي المتنوعة... اتمنى أن تشاركوني أفكاركم المبدعة ...

الاثنين، ديسمبر 21، 2009

AGAINST AL -BARADEI ضد البرادعي

 لحظة من فضلك   اقرأ المقال المرفق  وبعد ذلك سأدعوك لقراءة مقال آخر لنفس الكاتب !!!
لاحظ كيف ينعت الكاتب الدكتور البرادعي بكلمات مثل

( صاحبنا- رجلنا  ) التي كررها غير مرة  من باب السخرية منه !!!




الصفحه الاولي




44924
‏السنه 134-العدد
2009
ديسمبر
5
‏18 من ذي الحجه 1430 هـ
السبت




من القاهره
حديث جاد مع الدكتور محمد البرادعي
بقلم : د‏.‏ عبدالمنعم سعيد




كنت من الذين احتفوا بالاخبار التي تناثرت حول ترشيح الدكتور محمد البرادعي لرئاسه الجمهوريه‏,‏ كما احتفيت بالكوكبه من الاسماء التي تناثرت معه وفي التوقيت نفسه مثل الدكتور احمد زويل صاحب نوبل في الكيمياء‏,‏ والسيد عمرو موسي الامين العام لجامعه الدول العربيه الذي صرح انذاك بان الرساله‏,‏ او النداء‏,‏ قد وصلته من الجماهير المصريه‏.‏ وكان مصدر الاحتفاء هو ان هذه الشخصيات المصريه المرموقه سوف تقدم كثيرا من الغني الفكري والسياسي خلال فتره المنافسه علي المنصب الرفيع لرئيس الجمهوريه‏,‏ وهي في كل الاحوال حققت لمصر الكثير من السمعه الدوليه من خلال الدور الذي لعبته في خدمه الانسانيه او المنطقه العربيه‏.‏

واعترف انه كان في ذهني دائما ان مرشح الحزب الوطني الديمقراطي يستحق منافسين من ذوي القامه حتي يكون ما حققه‏,‏ وما لم يحققه‏,‏ جزءا من نقاش وحوار راق ياخذ بيد مصر خلال العقد المقبل الذي اظن انه سوف يكون عقدا فاصلا في التاريخ المصري‏,‏ يدور حول تحقيق امنيات المصريين في بلد عصري ومتقدم‏.‏ واذا كان السيد عمرو موسي قد اعلن ان الرساله وصلته من الجماهير المصريه‏,‏ وما زلنا في انتظار رده علي الرساله‏,‏ فانه يبدو ان الجماهير نفسها‏,‏ او جماهير اخري‏,‏ قد ارسلت ذات الرساله الي الدكتور محمد البرادعي الذي قرر الرد عليها برساله اخري حدد فيها اطارا عاما لعمليه دخوله الي حلبه المنافسه الكبري‏.‏

وفي البدايه فان رجلنا هو ابن الدبلوماسيه المصريه واحد الذين اخرجتهم لكي يعملوا بامتياز في ساحه العمل الدولي‏,‏ كما انه الرجل الذي حصل علي جائزه نوبل للسلام الرفيعه‏,‏ التي لا تمنح الا لهولاء الذين اسهموا في تقدم الانسانيه‏,‏ والعمل من اجل السلام العالمي‏,‏ ولن ننسي ان الرئيس حسني مبارك قد منحه قلاده النيل العظمي التي لا تمنح الا للملوك والروساء ومن قدموا للعالم خدمات جليله‏.‏ ولكل هذه الاسباب‏,‏ فان ما جاء في رساله الرجل للاراء والاصوات التي دعته الي التقدم للترشيح في انتخابات الرئاسه المصريه القادمه‏,‏ يتطلب ان يوخذ بالجديه نفسها التي طرح بها موضوعه‏.‏

وبصراحه فاننا هنا لا نتعامل مع شخصيه عاديه يمكن ان يوخذ كلامها حبا في الشهره‏,‏ فقد حصل علي الكثير منها‏,‏ او نفاقا لجماهير وجماعات‏,‏ فقد كان عليه في تجربته في الوكاله الدوليه للطاقه النوويه ان يتعامل بكرامه واعتزاز بالنفس مع قوي عظمي وكبري‏,‏ ومسلحه بالاسلحه النوويه‏,‏ او انها في الطريق اليها‏.‏

الجديه التي تليق بصاحبنا هنا تبدا بالمصارحه معه ان سبعه وعشرين عاما من البعد عن مصر تحتاج منه ان يلتقط انفاسه قليلا بعد تجربه عريضه في منظمه دوليه مهما كانت مرموقه‏,‏ فان هناك فارقا كبيرا بينها وبين دوله وامه ومجتمع يلخصها عنوان عريض في التاريخ اسمه مصر‏.‏ واخشي ما اخشاه ان يكون صاحب التجربه العريضه في الخارج قد اعتمد في اطاره العام علي مجموعه الاراء والاصوات التي اتته من خلال ضجيج ذائع في مصر ساهم فيه انفجار في تكنولوجيا المعلومات‏,‏ مع درجه غير مسبوقه من الحريه السياسيه‏.‏

ولكن وراء هذه الضوضاء فان مصر لم تكن فراغا سياسيا او اقتصاديا واجتماعيا خلال السبعه وعشرين عاما الماضيه وانما جرت فيها تغيرات عظمي ليس اقلها ان عدد سكان مصر قد اصبحوا الان ثمانين مليون نسمه بعد ان كانوا اربعين في مطلع الثمانينيات‏.‏

هذا التغير الديمغرافي يطول الحديث فيه‏,‏ وما حدث له كما ونوعا‏,‏ وسواء كان ذلك اقتصاديا او اجتماعيا او سياسيا او حتي جغرافيا‏,‏ اعمق بكثير مما يبدو علي السطح‏,‏ ولا تصح معه الاحكام المتعجله او سابقه التجهيز علي مقاس‏'‏ اراء واصوات‏'‏ اعتدنا عليها كثيرا داخل الساحه المصريه‏,‏ وبقي ان يتعود عليها ايضا الدكتور البرادعي ويعطيها ما تستحقه من حجم ومكانه‏.‏ وحينما تصبح كل الامور في احجامها الطبيعيه فان كثيرا من القضايا التي اثارها صاحبنا في كلمته العامه ربما تحتاج الي تعامل اكثر جديه مما تعامل معه الدكتور البرادعي حتي الان‏.‏

علي سبيل المثال فان رجلنا‏,‏ يقول‏,‏ وله كل الحق في ذلك انه‏'‏ لا بد ان تجري العمليه الانتخابيه التشريعيه والرئاسيه علي غرار المعمول به في سائر الدول الديمقراطيه المتقدمه منها والناميه‏',‏ ولكنه يعود فورا بعد ذلك لكي يطلب امران متناقضان‏:‏ اولهما وجود لجنه قوميه مستقله ومحايده تتولي تنظيم كافه الاجراءات الخاصه بالعمليه الانتخابيه لضمان نزاهتها‏.‏ وهذه اللجنه موجوده الان بالفعل فيما يخص الانتخابات الرئاسيه‏,‏ ومن الممكن تعزيز امكاناتها وقدراتها خلال المرحله المقبله‏.‏ وثانيهما ان يكون هناك اشراف قضائي كامل علي العمليه الانتخابيه‏,‏

وهي مساله تفسر في مصر علي ان يكون هناك قاض لكل صندوق‏.‏ مثل ذلك لا يوجد في الدول الديمقراطيه المتقدمه والناميه التي طالبنا الدكتور البرادعي ان نعمل علي مثالها‏,‏ وطالما انه سوف تكون هناك لجنه قوميه مستقله ومحايده ومشرفه علي كل تفاصيل الانتخابات‏,‏ فما هي الحاجه لشل السلطه القضائيه كلها ولفتره طويله‏,‏ وجر القضاء كله الي ساحه السياسه المفعمه بالاهواء والمصالح‏.‏

وللحق فانه من المفهوم ان يطالب الدكتور البرادعي بوجود مراقبين دوليين‏,‏ وهي مساله تستحق ان تدرس من جانب الحزب الوطني الديمقراطي من زاويه البحث عن صيغه للتوازن ما بين زياده مصداقيه العمليه الانتخابيه‏,‏ وعدم المساس بالسياده المصريه‏.‏ ولكن‏,‏ وللحق ايضا‏,‏ فان التحفظ علي الرقابه الدوليه لم يكن قادما فقط من جانب الحزب الوطني الديمقراطي‏,‏ وانما كان قادما ايضا من قوي واحزاب سياسيه كثيره لم تر في مساله الرقابه الدوليه الا تدخلا في الشئون الداخليه المصريه‏.‏

الجديه مع الدكتور البرادعي ايضا تستدعي دعوته لكي يكون هو الاخر علي استعداد لكي ياخذ مصر ايضا بالجديه التي تستحقها‏,‏ فما يطلبه منا صاحبنا ان نهدم الدستور والموسسات المصريه القائمه‏,‏ وتفصيل اوضاع جديده تتيح له الترشيح لمقعد الرئاسه دون مشاركه منه في عمليه الاصلاح والتغيير الواجبه والمطلوبه‏.‏

الامر هكذا ليس مصريا علي الاطلاق‏,‏ فلا مصر فتاه تنتظر فتاها المخلص القادم علي حصان ابيض من فيينا‏,‏ ولا هي الدوله التي يجري فيها التغيير بجره قلم‏,‏ او بناء علي رغبه فرد حتي ولو كان حائزا علي جائزه نوبل‏.‏ وكل ذلك لا يمنعني من الاتفاق مع الرئيس السابق للوكاله الدوليه للطاقه الذريه ان مصر تحتاج الي تغييرات دستوريه جوهريه‏,‏ ولكن هذه التغيرات ينبغي لها ان تاتي من خلال نقاش وحوار مصري عميق بين القوي السياسيه المختلفه التي تعبر ايضا عن مصالح متنوعه وليس استنادا الي اشاره من بعيد استدعتها‏'‏ اراء واصوات‏'‏ قادمه من جماعات مصريه لا يوجد مقياس واحد يقول بانها تمثل حقا الشعب المصري‏.‏

والحقيقه ان الدكتور البرادعي قد ادهشني كثيرا عندما قال‏:‏ كلنا متفقون علي ماهيه مشاكلنا حيث كنت اظنه اكثر اقترابا من الواقع المصري مما ثبت في كلمته‏,‏ حيث ان الاصل في المجتمعات المختلفه ان يكون هناك تباين في النظر الي مشاكل المجتمع‏,‏ او في تقدير اهميتها‏,‏ واولوياتها‏.‏ وعلي سبيل المثال فان المشكله السكانيه تختلف فيها الروي المصريه‏,‏ والعلاقه بين اقتصاد السوق والعداله الاجتماعيه يجري عليها اختلافات جذريه‏,‏

وحتي الدوله المدنيه العصريه الحديثه ـ والتي بالمناسبه اتفق فيها مع صاحبنا ـ لايوجد توافق كبير عليها‏.‏ وخلال التعديلات الدستوريه الاخيره دار نقاش عكس اختلافات واسعه حول الماده الثانيه من الدستور‏,‏ والي اي حد يكون الاعتماد علي مبادئ الشريعه الاسلاميه مصدرا رئيسيا للتشريع متوافقا مع فكره الدوله المدنيه‏.‏ وعندما طرح الاخوان المسلمون برنامجا سياسيا منذ فتره ليست بعيده كان الاساس فيها العمل من اجل دوله دينيه نقيه يقودها جماعه من الفقهاء المسلمين الذين يقررون السياسات الشرعيه للبلاد‏.‏

ان الاراء الوارده في رساله الدكتور البرادعي تعكس الي حد كبير طريقته في اداره الوكاله الدوليه للطاقه الذريه حيث حصل رجلنا والوكاله علي جائزه نوبل للسلام لسببين رئيسيين‏:‏ اولهما انهما جعلا قضيه منع انتشار الاسلحه النوويه في المقدمه من اولويات السياسه العالميه‏,‏ وهي التي تمثل اخطارا علي استقرار النظام الدولي‏.‏ وثانيهما ان الوكاله ذاتها لم تعد واحده من المنظمات الدوليه التي لا يسمع بها احد بل صارت لاعبا اساسيا‏,‏ وساحه مقبوله‏,‏ في عمليات التفاوض المعقده للتعامل مع الانتشار النووي‏.‏

مثل هذا الانجاز لم يكن قليلا‏,‏ ومع ذلك فقد عمل الدكتور البرادعي كمدير للوكاله‏,‏ لكنه تصرف في معظم الاحيان كمفتش‏,‏ مهمته ان يعرف‏,‏ وكانت المفاجاه طوال الوقت‏,‏ ان الوكاله لم تتمكن من ان تعرف‏,‏ فقد تم الكشف عن كل البرامج النوويه السريه تقريبا‏,‏ باساليب ليس من ضمنها مفتشو الوكاله‏.‏ وظهرت مره اخري مشكله المفتش في التقارير التي كان يتم تقديمها حول البرامج النوويه‏,‏ لذا كانت تقارير التفتيش عاده ما لا تجزم بوجود مشكله ما‏,‏

كما انها لا تجزم بعدم وجود تلك المشكله‏,‏ كما وضح في حاله ايران‏,‏ فلو قيل ان لديها برنامجا نوويا عسكريا ستتدمر طهران‏,‏ ولو قيل انه ليس لديها ذلك‏,‏ ستتدمر الوكاله‏!.‏ وكان ثمن المعضله وضع اسماء دول عربيه ضمن طائفه الدول التي يناقش سلوكها النووي‏,‏ كسوريا ومصر‏,‏ برغم انه كان يمكنه حسم المساله مبكرا‏.‏

وللحق فان البرادعي انتقد نفسه‏,‏ بانه لم يصرخ باعلي صوته عام‏2003,‏ ليقول انه ليس لدي العراق برامج نوويه سريه‏.‏ وللحق ايضا فان الاستغراق في دور المفتش كان واحده من النقاط التي اثارها يوكيا امانو مدير الوكاله الجديد حين قال ان البرادعي حول الوكاله الي العمل في مجال منع الانتشار النووي‏,‏ باكثر مما عملت في مجال تسهيل الاستخدامات السلميه للطاقه النوويه‏,‏ وهي المهمه الاصليه لها‏.‏ كما ان الاستغراق في دور المفتش ادي الي افلات المواقف احيانا‏,‏

فالرغبه في التفتيش علي منشات اسرائيل النوويه‏,‏ دون حسابات كافيه‏,‏ قادت في النهايه الي قيامه بما سمي مهمه تفقد لمفاعل دايمونا من اعلي‏,‏ من طائره‏,‏ قبل ان تنحرف المساله كلها في اتجاه ان تطرح اسرائيل افكارا‏,‏ بانها عضو نشط في الوكاله‏,‏ وانها تريد الاعتراف بها كدوله امر واقع نوويه اي مماثله للهند وباكستان‏.‏

وفي حقل السياسه الخارجيه الذي لم يمسه الدكتور البرادعي في رده علي الاصوات التي نادته‏,‏ هناك اختلاف بين منطق الوكاله ومنطق الدوله‏,‏ وهذه المشكله واجهها مرشح‏'‏ محتمل اخر‏'‏ هو السيد عمرو موسي‏,‏ لكن بشكل عكسي‏,‏ عندما انتقل للعمل من وزاره خارجيه الدوله المصريه‏,‏ الي امانه جامعه الدول العربيه‏,‏ عندما ذكره احد الوزراء العرب حينها بانه لم يعد وزيرا لمصر‏,‏ ولن يحتاج الدكتور محمد البرادعي لمن يذكره بانه لم يعد مديرا للوكاله‏,‏ الا ان هذا الميراث سيظل معه‏,‏

ومع كل ذلك اسئله‏:‏ ماذا سيفعل الدكتور البرادعي مع ايران‏,‏ فقد وضح في الفتره الماضيه ان لديه نوايا حسنه بشانها‏,‏ وربما يكون ذلك صحيحا بشان علاقاتها بالوكاله‏,‏ لكن ليس صحيحا بشان علاقاتها مع مصر‏,‏ والاهم ان ذلك لم يكن صحيحا بشان علاقاتها بالوكاله‏,‏ حتي ففي نهايه المطاف‏,‏ وقبل ان تنتهي مدته بايام قال الدكتور البرادعي‏,‏ ان التفاهم معها وصل الي طريق مسدود‏.‏

والسوال الاهم ماذا سيفعل مع اسرائيل‏,‏ فلديه تصور لاقامه منطقه خاليه من الاسلحه النوويه يختلف عن التصور الذي تجاهد مصر من اجله‏,‏ وربما دون ان يقصد ادت تفاعلات الدكتور البرادعي النوويه معها‏,‏ الي اظهارها كدوله امر واقع نوويه طبيعيه‏,‏ وبدات اسرائيل تطالب بحل مشكله مايسمي‏P-3,‏ اي الدول النوويه الثلاث التي توجد خارج معاهده منع الانتشار‏,‏ وهي الهند وباكستان واسرائيل‏,‏ وبالمناسبه فان المدير العام الحالي للوكاله يوكيا امانو‏,‏ قال خلال زياره له الي مصر‏,‏ ان هذا الامر لن يمر الا علي جثته‏.‏

ولكن قضيتنا هنا ان منهج البرادعي يترك كل الملفات مفتوحه تقريبا‏,‏ بدون تقدم‏,‏ وبدون تدهور‏,‏ فهل كان بامكانه ان يفعل اكثر مما فعل ام لا‏,‏ وهل كان قادرا علي حسم المساله الايرانيه‏,‏ او التحذير من تفاقم المساله الكوريه‏,‏ او وضع حدود لاحتمالات شيوع‏'‏ النموذج الهندي‏',‏ او مسانده البرامج النوويه المدنيه‏,‏ وهل كان بامكانه ان يحسن عمل الوكاله بحيث تكون قادره علي اكتشاف النشاطات النوويه السريه‏,‏ او جعل تقديراتها اكثر دقه‏,‏ والاجابه هنا هي ان احدا لا يعرف‏.‏ ولكن الخوف الاساسي ان يكون ما كان نجاحا في الوكاله استنادا علي نشر فكره منع الانتشار النووي لا يكفي في الحاله المصريه‏.‏

فالقول باننا نحتاج دوله مدنيه عصريه تقوم علي الحداثه والاعتدال والحكم الرشيد هو الحلم المصري منذ عهد محمد علي‏,‏ ولكن المساله انه بعد قرنين من الزمان او اكثر فان اعاده تكرار الحلم والحديث عنه بعبارات بليغه لا يضيف كثيرا لما نعرفه‏,‏ ولا يعطي رواجا للفكره مثلما حدث مع موضوع مواجهه الانتشار النووي‏.‏ فما تحتاجه مصر هو الكيفيه التي تتعامل بها الدوله مع المعضلات والتحديات الكبري التي وقفت في مواجهه تحقيق هذا الحلم‏,‏ وجعلت الاقتراب منه يجري علي شكل خطوه بعد خطوه‏,‏ وليس علي شكل قفزات سريعه كما فعلت امم اخري‏.‏

ومن ليبرالي الي ليبرالي اخر فانه لا يجوز في كل المناهج الليبراليه ان يفرض مرشحا شروطه مسبقا علي اللعبه السياسيه‏,‏ ففضلا عن ان ذلك يمثل نوعا من التعالي غير المحمود‏,‏ فانه يتجاهل جدلا كبيرا يجري في مصر حول طبيعه النظام السياسي المرغوب‏.‏ والسوال الكبير في هذا الجدل هو كيفيه الانتقال بمصر نحو ارقي صور الديمقراطيه‏,‏ ومن الممكن للدكتور البرادعي مع اخرين الاسهام في الاجابه علي هذا السوال‏.‏ فالوصول للصوره المرغوبه هو نتيجه جدال سياسي وكفاح لا يجري في مواجهه السلطه السياسيه‏,‏ وانما يدور مع قوي كثيره في مجتمعنا تريد صورا اخري‏,‏ لكن اخانا يريد الناس ان تكافح بالنيابه عنه لتعطيه الرئاسه علي طبق من فضه‏.‏

لقد اقترب وقت الجد‏,‏ ولم يعد ممكنا ان تكون السياسه الفاظا وكلمات او حوارا مع اصوات تاتي من علي الفضاء الافتراضي‏,‏ او حتي من علي سلالم النقابات‏,‏ كما انها ليست عمليه تفتيش علي وطن يكافح ابناءه من اجل حياه ارقي‏,‏ ولكنها ممارسه من خلال الموسسات القائمه حتي يتم الاتفاق علي تغييرها‏.‏ ومن الممكن ان يشكل الدكتور البرادعي اضافه للحوار المصري الدائر شرط ان يعود واحدا منا ـ مع الاجلال والتوقير اللازم لمصري حاصل علي جائزه نوبل وقلاده النيل ـ ولكن عليه اولا ان يعرف ان المصريين يستمعون ويتحاورون‏,‏ ولكنهم لا ياخذون دروسا من احد‏;‏ كما يعرف ثانيا ان هناك فارقا كبيرا بين مصر ـ الدوله والشعب والمجتمع والتاريخ ـ والوكاله‏!!.‏